السبت، 9 يونيو 2012

الهدف الأوحد من غزوات النبي r هو هداية البشرية لا استغلالها .



من تتبع غزوات النبي r   يجد أن الهدف الأساس التي كانت تخضع له هو هداية الناس ، ولم تكن السيطرة وتوسيع الملك والاستيلاء على خيرات الأمم أحد أهدافه في أي غزوة من غزواته ، وهذا مبدأ واضح كان يؤكد عليه النبي r   دائماً منه قوله لعلي t  عندما أعطاه الراية لفتح خيبر :  «  عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ  »  ([1]) فهذا الأثر واضح الدلالة في تربية النبي r   لأصحابه على تقديم الهداية على غيرها من مغانم الدنيا ومكاسبها ؛ بحيث يرى المسلم أن حصولها هو الهدف الأسمى لتضحياته وقتاله ، بل من نظر إلى غزوة حنين يجد تطبيقاً عملياً نموذجياً لم تعهد مثله البشرية جميعاً ؛ حيث وزع النبي r   أكثر الغنائم تأليفاً للقلوب ، ونالت قريش وكبارها كصفوان بن أمية ممن كانوا أشد الناس عداوة للنبي r   الحظ الأوفى منها ،  ورجع هو وأكثر الناس تضحية وعطاء للدين ( الأنصار ) ولم يحملوا معهم من حطام الدنيا شيئاً ، مما يشير صراحة إلى أن هذه الغزوات كانت باباً من أبواب الرحمة بالبشرية .
نخلص مما سبق أن المواجهة العسكرية كانت إجراءً ألجأت له الضرورة ومقتضيات الرحمة بالبشرية ؛ لذا هو شكل من أشكال الرحمة النبوية بالبشرية ، كذلك اعتبار المواجهة العسكرية يدخل في باب الضرورة يبرز أنه ليس الأصل في العلاقة مع الآخر ، ويهدف إلى حسر الفكر العدواني عنده ، وهذا من صميم ثقافة السلام التي أظهرنا معالمها عند محمد r ؛ إنها أشبه بتدخل جراحي محدود ، وله دواعيه الإنسانية .كذلك يتضح لنا أن الدعوة السلمية أصل في رسالة محمد r ، والمواجهة العسكرية استثناء يكفل حرية نشر الدعوة الإسلامية بعيداً عن الصد والقهر والاضطهاد ، وذلك عند تعرض الدعوة السلمية لمثل تلك التصرفات القسرية المانعة للناس اختيار طريقهم نحو الهداية ، وسيتضح لنا ذلك جلياً في المطلب التالي الذي يفصل أهداف الحرب في الإسلام .
د. محمد المبيض                      كتابه                ثقافة السلام 


([1])  أخرجه البخاري برقم 2942 [ البخاري مع الفتح ( 6/130) ] 

ليست هناك تعليقات: