السبت، 9 يونيو 2012

محمد عليه السلام الأوفى حظاً بين الأنبياء في الفضائل والخصائص


كمال خصائصه .
الأنبياء أفضل البشر ، وقد نالوا خصوصية تكريم من ربهم باختيارهم مهبطاً لوحيه ومنارة لتبيلغ رسالاته ، وكان النبي محمد r الأوفى حظاً بين الأنبياء في هذه الخصوصية ، يخبر عن نفسه قائلاً : «   فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ : أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ،  وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ ،  وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً ،  وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ . » ([1])
 ومن خصائصه أنه أكرم بالقرآن المعجزة الخالدة ، اختارها له الله سبحانه وتعالى ليظل بها الدليل قائماً والإعجاز مستمراً ، وباب الهداية بها مفتوحاً ، بينما براهين الأنبياء السابقين ومعجزاتهم قد انقرضت بزمانهم ، وفات أوانها ، ولم يبق إلا الإخبار عنها ، يقول النبي محمد r عن هذه الخصوصية العظمى : «   مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ ،  وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . » ([2])
 ومن خصوصيته أنه كان الأوفى حظاً بين الأنبياء في التأييدات الغيبة ، فالمعلوم أن الأنبياء يختلفون كثرة وقلة في ظهور المعجزات على أيديهم ، وبعضهم لا نعلم له إلا معجزة واحدة كصالح عليه السلام الذي أيده الله بالناقة ، وبعضهم كان له أكثر من معجزة كموسى وعيسى عليهما السلام ، أما محمد r فمعجزاته لا يحيط بها ضبط ولا يحدها إحصاء ، منها : القرآن والإسراء والمعراج ، وشق القمر ، وتكثير الماء بين يديه وتكثير الطعام ، وانقياد الشجر له ، وتسبيح الحصى بين يديه ، وشفائه لكثير من الأمراض المستعصية ، كرده لعين قتادة التي سقطت على وجنته يوم أحد فعادت سليمة ، بل أفضل من أختها ، وعلاجه لساق ابن الحكم التي انكسرت في بدر ، فنفث عليها النبي r فبرأ من وقته كأن لم تكسر من قبل وغير ذلك كثير ، ومنها أيضاً حنين الجدع بمحضر من الصحابة ، ومنها إخباره عن كثير من المغيبات ، وكانت تقع كما يخبر ، ومنها استجابة الله لدعائه مع عدد كبير من الصحابة كأنس الذي دعا له بكثرة الولد والمال ، فكان كما دعا ، ودعا لابن عباس بأن يعلمه الله التأويل ، فكان حبر الأمة وترجمان القرآن ، ومنها سقوط أصنام مكة بإشارة من يده ، ومنها انقلاب الأعيان له كانقلاب العود الذي أعطاه النبي r لعكاشة إلى سيف طويل ، وتكرر الحدث نفسه مع سلمة بن أسلم ، وعبد الله بن جحش ، ومنها تحول الصخرة التي أعيت الصحابة لصلابتها  في الخندق إلى كثيب من رمل عندما صب عليها ماء تفل فيه رسول الله ، ومنها إضاءة العصا في الظلام لبعض أصحابه ، ومنها ما وقع لفرس سراقة في الهجرة ، ومنها بركة الحليب في شاة أم معبد ... وهذا باب كبير لا يسهل استقصاؤه . (_
ومن خصائص النبي محمد r أنه أكرم بخير أمة أخرجت للناس ، ومن خصائصه أن ملكه ورسالته ستعم الأرض جميعاً وأنه أعطي كنوز الأرض ،  يقول النبي r : « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا ،  وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا ، أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا . » ([3]) ومن خصائصه أن الله جعل أمته باقية على الحق الذي جاء به إلى قيام الساعة .ومن ذلك أنه أم بالأنبياء في رحلة الإسراء ، و بلغ برحلة المعراج ما لم يبلغه ملك ، وأن من صلى عليه مرة صلى عليه الله عشراً ، وأن الملائكة تتسابق لتبليغه سلام أفراد أمته له  .
ومن خصائصه يوم القيامة : انه أول من تنشق عنه الأرض ، وأنه يحشر راكباً على البراق، وأنه حامل لواء الحمد يوم القيامة ، وأنه أول شافع ومشفع ، وأنه أول من يجوز الصراط ، وأنه أكرم بنهر الكوثر ، وخص بحوض له ولأمته ، وأنه أول البشر دخولاً للجنة ، وأمته أول الأمم دخولاً لها ، وأن حظها في الجنة سيكون الأوفر بين الأمم ؛ حيث يبلغون شطر أهل الجنة ، وأن سبعين ألفاً من أمته يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، وأنه ينال درجة الوسيلة ، وهي أعظم درجة في الجنة وهي المقام المحمود الذي وعده إياه ربه . ([4])
يقول الشاعر ابن الخطيب في مجمل خصائص النبي :
والأنبياء وكـل خـلق في الورى                والرسل والأملاك تحت لـواكا
لك معجزات أعجزت كل الورى                وفضائل جلت فليست تحـاكى
قد فقت يا  طـه جميـع الأنبياء                 نوراً فسبـحان الذي سـواكا
والله يا  يس مثلـك لم يكـن                   في العالمين وحـق من ناجـاك
عن وصفك الشعـراء يا مـدثر                 عجزوا وكلوا عن صفات علاك


([1]) أخرجه مسلم برقم 523 [ صحيح مسلم ( 1/371) ]  
([2]) أخرجه البخاري برقم 4696 [ البخاري ( 4/1905) ]
(_ ) راجع في هذا الباب كتب دلائل النبوة للبيهقي وابن نعيم وغيرهما ممن تفرد بهذا الشأن  ، و كتاب الخبر اليقين في معجزات النبي الأمين للدكتور أحمد أبو شباب ففيه تفصيل لهذه المسائل .
([3]) أخرجه مسلم برقم 2889 [ صحيح مسلم ( 4/2215) ]
([4]) من رام الإستزادة في بيان خصائص النبي r مع أدلتها فلينظر ابن الجوزي : الوفا بأحوال المصطفى ( 317 وما بعدها )

ليست هناك تعليقات: