حسن تأديبه للأطفال دون تعنيف .
ومن ذلك ما ورد عن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أنه
قال : « كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ
رَسُولِ اللَّهِ r وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ
فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r : يَا
غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ
تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ { ([1]) ومن ذلك ما ذكره أنس t : « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي
يَوْمًا لِحَاجَةٍ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ ! وَفِي نَفْسِي أَنْ
أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ r فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ
وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ r قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ
: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ ،
فَقَالَ : يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ
أَمَرْتُكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ :
أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ
تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا
وَكَذَا ، أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا . ([2])
فالنص الأول يبرز توجيهاً نبوياً لطفل أساء عند
تناوله الطعام فأرشده للصواب فيه ، وفي حديث أنس نلحظ أن النبي r قد قابل
تقاعس أنس بضحكة وناداه بلفظ التصغير (
أنيس ) تلطفاً به ودون أن يعنفه النبي r على
تقاعسه ، وبين أنس أن هذا كان خلق النبي r معه طوال
تسع سنين خدمه فيها ، وهذا الأسلوب التربوي
المبني على الصبر والحلم والتجاوز عن الأخطاء والتعزيز الإيجابي منهج يقصر
دونه كل رجالات التربية في الأرض ، و لا يمتنع تربوياً زجر الطفل وتأديبه عند
المخالفة ، لكن رسول الله r المربي
الأول للبشرية تجنب هذا الأسلوب واقتصر على منهج تربية مثالية خالية من أي شكل من
أشكال التعنيف أو اللوم ، وهذا من كمال شخصه الكريم وباب عظيم من أبواب التربية
لأن الإكثار من اللوم يعزز عند الطفل الاستهانة في القبائح والاستعداد لتقحمها ، و
وتجنبه يعزز عند الطفل دقة الملاحظة وروح الحياء ، وهذا ما حصل عند أنس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق