السبت، 9 يونيو 2012

تأديب الأطفال دون تعنيف


حسن تأديبه للأطفال دون تعنيف .
ومن ذلك ما ورد عن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أنه قال : «  كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ  r    وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ  r   :   يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ { ([1])   ومن ذلك ما ذكره أنس t  : «   كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  r    مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ ! وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ  r    فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ ،  فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ  r    قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي   قَالَ :  فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ :  يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ :  أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا ، أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا .  ([2])
فالنص الأول يبرز توجيهاً نبوياً لطفل أساء عند تناوله الطعام فأرشده للصواب فيه ، وفي حديث أنس نلحظ أن النبي r   قد قابل تقاعس أنس بضحكة  وناداه بلفظ التصغير ( أنيس ) تلطفاً به ودون أن يعنفه النبي r   على تقاعسه ، وبين أنس أن هذا كان خلق النبي r   معه طوال تسع سنين خدمه فيها ، وهذا الأسلوب التربوي  المبني على الصبر والحلم والتجاوز عن الأخطاء والتعزيز الإيجابي منهج يقصر دونه كل رجالات التربية في الأرض ، و لا يمتنع تربوياً زجر الطفل وتأديبه عند المخالفة ، لكن رسول الله r   المربي الأول للبشرية تجنب هذا الأسلوب واقتصر على منهج تربية مثالية خالية من أي شكل من أشكال التعنيف أو اللوم ، وهذا من كمال شخصه الكريم وباب عظيم من أبواب التربية لأن الإكثار من اللوم يعزز عند الطفل الاستهانة في القبائح والاستعداد لتقحمها ، و وتجنبه يعزز عند الطفل دقة الملاحظة وروح الحياء ، وهذا ما حصل عند أنس  .


([1])  أخرجه البخاري برقم 5061  [البخاري ( 5/2056) ]
([2])  أخرجه مسلم في الفضائل برقم 2310 [ صحيح مسلم ( 4/1805) ] 

ليست هناك تعليقات: