لما
فرضت الرسالة المحمدية على المرأة قيود تحد من حركتها أو حريتها في المجتمع ؟
وهذا الشبهة مبعثها تلك العقلية التي تريد
المساواة بين المختلفين من جميع الوجوه فتجاوزت حدود الفطرة والفضيلة ، وهذا عين
الظلم ، ونسي هؤلاء أن فطرة الله سبحانه وتعالى
هي التي فرقت بينهما حتى في التكوين الجسدي ، وذلك لحكمة بالغة وهي أن لكل
منهما رسالة في الحياة تليق به وبطبيعته ومؤهلاته ، فالأمومة بكل خصائصها وفضائلها
ومتاعبها هي صميم رسالة المرأة ، وهذا هو الذي جعل قرارها في البيت أكثر من الرجل
، وقد راعى الإسلام في تعاليمه هذا التفريق الفطري بين المرأة والرجل ، ليؤدي كل
منهم وظيفته الطبيعية المناسبة .
هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى نرى أن الإسلام
عندما ضرب على المرأة حجاب الستر ، فإنما راعى بذلك حراسة الفضيلة في المجتمع ،
وحماية المرأة من استغلال الرجل لها ، وهؤلاء الذين يتهمون المجتمعات الشرقية وحال
المرأة فيها ، فلينظروا لحال المرأة في الغرب وكم من الحقوق التي حرمت منها ، لعل
أهمها : حرمانها من فطرتها وأمومتها ، وهي عاطفة أصيلة لدى المرأة ، يقول ألكسس
كاريل : « إن أهمية وظيفة الحمل والوضع بالنسبة للأم لم تفهم حتى الآن بدرجة
كافية ، مع أن هذه الوظيفة لازمة لاكتمال نمو المرأة ، ومن ثم فمن سخف الرأي أن
نجعل المرأة تتنكر للأمومة . » ([1])
وكذلك نلحظ
على المرأة الغربية أنها اعتبرت سلعة مشتهاة وذلك على حساب كرامتها ، وإنسانيتها ،
ومن نظر إلى تقارير حقوق الإنسان حول الرقيق الأبيض في أوروبا وغيرها يهوله
الأرقام والإحصائيات التي تشير إلى ذلك الاستغلال المهين للمرأة وكرامتها وعفتها .
صحيح قد يكون في الحجاب بنوعيه فيه نوع من
التقييد للمرأة في بعض الوجوه إلا أنه مقابل المصالح العديدة التي تحققت للمرأة من
خلاله لا وزن له ، والعبرة في ميزان المصالح والمفاسد ارتكاب الأخف لدرء الأعظم ، وبعبارة أخرى نظرت الشريعة للمرأة أنها لؤلؤة ،
وأن أعظم مكان يحفظ لها تلألؤها هو صدفتها .
وبالمقابل قد ينظر للمرأة الغربية أنها أكثر
مرونة في لبسها وتحركاتها ، إلا أن المفاسد التي جنتها المرأة الغربية من ذلك كانت
فوق المتصور ؛ لدرجة أنها حرمتها أمنها وعفتها وإنسانيتها ، وأحياناً أهم معاني
أنوثتها ، والواقع يشهد بذلك ، تقول سالي جان مارش : « على فرض وجود بعض القيود على المرأة
المسلمة في ظل الإسلام ، فإن هذه القيود ليست إلا ضمانات لمصلحة المرأة المسلمة
نفسها ، ولخير الأسرة ، والحفاظ عليها متماسكة قوية ، وأخيراً فهي لخير المجتمع
الإسلامي بشكل عام . » ([2])
خلاصة
المبحث :
إذا نظرنا نظرة متأملة للرسالة المحمدية نجد أن
المرأة نالت فيها تكريماً وحقوقاً لم تنل مثلها غيرها ، فنبي الرحمة حرص على تعزيز
مكانة المرأة باعتبارها صنو الرجل وشقيقته في القيام بأعباء الإنسانية ، ولعل من أسمى
مظاهر الرحمة النبوية بالمرأة أنها حافظت على شخصيتها وكرامتها ووظيفتها الفطرية
والاجتماعية في الحياة ، فحقوق المرأة في رسالة محمد r تتميز
بأنها متوازنة ومتكافئة ، ومتوافقة مع
الفطرة ، والعجيب في رسالة محمد r أنها لم تنظر لحقوق
المرأة وهي فتاة شابة ، بل تعاطت مع المرأة في كل مراحل حياتها ، ومن نظر
للتشريعات الإسلامية بخصوص المرأة ، وتأمل واقع الأمم الأخرى وحال المرأة فيه
والمشاكل الخلقية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها يجد مدى المفارقة
بين تشريع جاءت به السماء لرحمة البشرية ، وبين تشريع تحكمه التجارب البشرية
القاصرة ، وأنا على قناعة كاملة أنه ما من امرأة في الأرض أياً كانت نحلتها
وديانتها وموقعها لو نظرت في التشريعات التي تضمنتها رسالة محمد r بخصوص
المرأة بطريقة متكاملة واعية فإنها ستخرج بحالة انبهار وإعجاب وغبطة تحسد فيها كل
مسلمة على انتمائها تحت لواء محمد r .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق