السبت، 9 يونيو 2012

كمال تكريم الله للنبي محمد عليه السلام



كمال تكريم الله له .
 وهذا واضح من تلك التزكية التي نالها محمد r من السماء ، فقد زكى الله بصره بقوله : } مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى { ([1]) ، وزكى فؤاده بقوله سبحانه وتعالى : } مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى { ([2]) وزكى منطقه فجعله وحياً سماوياً بقوله : } وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ،  إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى { ([3]) وزكى معلمه ومرشده فقال : }  عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى { ([4]) } ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ { ([5]) ، وزكى خلقه ووعده بجزيل الأجر وعظيم المنزلة بقوله سبحانه وتعالى : } وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ،  وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ { ([6]ولئن طلب موسى r  انشراح الصدر ليقوم بأعباء رسالته فقال مخاطباً رب العزة : } قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي { ([7]) فإن محمداً r  قد نال انشراح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر دون طلب منه : } أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ، وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ،  الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ،  وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ { ([8]) ولئن عاتب الله نوحاً عتاباً قاسياً على اجتهاده وطلبه من ربه أن ينجي ابنه فقال له : } قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ { ([9]) أما محمد r فإن عتاب الله له على اجتهاده قد سبقه العفو عنه ، وذلك عندما اجتهد في مسالة الإذن للمنافقين : } عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ { ([10]) .
ومن مظاهر التكريم أن الله كان ينادي كل نبي باسمه إلا محمداً r فإنه كان يخاطبه بقوله : يا أيها النبي ، يا أيها الرسول ، وإذا ذكر اسمه لا يذكره مجرداً ، فيقول : محمد رسول الله .
و كذلك من أشكال التكريم أن الله قرن اسم النبي محمد r مع اسمه في شهادة الحق والدخول بالإسلام ، ويصدح بها على المآذن إلى قيام الساعة .
ومن تكريم الله له أن جعله شمس الهداية ونور الروح الإنسانية إلى قيام الساعة ، يقول الله سبحانه وتعالى : } يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا { ([11]) وجعل طاعته موجبة للرحمة : } وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ { ([12]) والاستجابة له موجبة للحياة السعيدة  : } أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ { ([13]) ومعصيته موجبة للضلال المبين : } وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا { ([14]وإيذائه موجب العذاب الأليم : } وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ { ([15])   وبعثته من باب المنة على المؤمنين : } لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ { ([16]) واعتبره المثل البشري الأعلى وقدوة للعالمين : } لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا { ([17])
ولعل من أبلغ مظاهر التكريم أن الله قد أقسم بالنبي محمد r ، ولا يقسم الله إلا بكل عظيم يقول الله سبحانه وتعالى : } لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ { ([18])
ونختم هذا التكريم بتلك الرحمات التي يسبغها الله سبحانه وتعالى على محمد r في ليلة ونهاره ، وذلك الاستغفار الذي جند الله أهل السماء له ، وتلك المطالبة من المؤمنين بأن يلهجوا بالدعاء لمحمد r أسوة بأهل السماء يقول الله سبحانه وتعالى : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { ([19])
د. محمد المبيض                          كتابه نبي الرحمة 


([1]) النجم : الآية 17
([2]) النجم : الآية 11
([3]) النجم : الآيات 3-4
([4]) النجم : الآية 5
([5]) التكوير : الآيات 19-20
([6]) القلم : الآيات 4-5  
([7]) طه : الآية 25
([8]) الشرح : الآيات 1-4
([9]) هود : الآية 46
([10]) التوبة : الآية 43
([11]) الأحزاب : الآيات 45-46
([12]) آل عمران : الآية 132  
([13]) الأنفال : الآية 24
([14]) الأحزاب : الآية 36
([15]) التوبة : الآية 61
([16]) آل عمران : الآية 164
([17]) الأحزاب : الآية 21
([18]) الحجر : الآية 72
([19]) الأحزاب : الآية 56 

ليست هناك تعليقات: