الاثنين، 11 يونيو 2012

نبي السلام والحروب ( محاور للمعالجة من خلال المدونة )


نبي السلام والحروب
 
نشأت رسالة محمد r في  بيئة عنيفة بطبعها ، تتميز بالتمرد والقسوة والغلظة والغلو في النوازع الانتقامية ، بيئة ترعرعت فيها ثقافة العنف بجميع أشكالها إضافة لتلك الفوضى الدينية المبنية على تعدد الآلهة لدرجة أن كل قبيلة كان لها إلهها الخاص بها ، هذه البيئة بما تشربته من ثقافة عنف وتمرد لا يسهل على أهلها استساغة دين جديد يخرجها عما ألفته ، وينزع من قادة قبائلها سؤددهم وسيادتهم – حسب ظنهم - ؛ لذا كانت المواجهة العنيفة مع هذا الدين الجديد والتي أخذت شكل الحروب في العهد المدني مما اقتضى من النبي r وصحابته الكرام خوض معارك يصدق فيها وصف الحروب الدفاعية أو الهجوم الدفاعي لحماية الكيان الناشئ .
  هذه الحروب التي خاضها النبي r ، وتعاليم الوحي التي كانت توجهها أصبحت غرضاً لسهام الطاعنين والمشككين في رسالة الإسلام ؛ حيث وجد هؤلاء – بزعمهم – مادة حية تصلح للطعن في نبوة محمد r وتعاليمه ، حيث عد هؤلاء أن رسالة الإسلام لم تنتشر إلا بالسيف ، وأن تعاليمها تتضمن مادة تحريضية معززة لثقافة العنف ، وأن النبي r من خلال تعزيزه لهذه الثقافة استطاع أن يهيمن على العرب والعالم القديم ، إضافة إلى اتهام النبي r بارتكابه تجاوزات تمس أخلاقيات الحروب كقتله لبني قريظة واعتماده نهج الاغتيالات السياسية ، ويرى هؤلاء أيضاً أن مساحة الحرب الواسعة في العهد المدني تشير إلى ذلك ضرورة .
ولم يكتف هؤلاء بذلك بل زاد مستوى الاتهام لدرجة أنهم يعتبرون أن المُنَظِّر الفكري والمغذي الحيوي والمحرض الأول لظاهرة العنف والإرهاب الدولي حسب ما يزعمون هو محمد r وتعاليمه ، وهذا واضح من طبيعة الرسوم المسيئة للنبي r والتي تبرز هذه الفرية بشكل جلي واضح ، وما زالت تلك الرسوم وأحياناً المقالات واللقاءات تخرج علينا بين الفينة والأخرى لتعزز أن محمداً  r هو عدو لثقافة السلام خابوا وخسروا بزعمهم هذا .
 هذه مجمل الطعون ذات العلاقة بحروب النبي r ، وهذا يقتضي منا الإفاضة في الرد على هذه المزاعم من عدة محاور :
المحور الأول : ما هو الجو العام الذي يحكم حروب البشرية ؟ وما هي طبيعة الثقافة التي نشأت فيها رسالة محمد r ؟ وما هو موقع حروب النبي r من هذه الحروب ؟ وما علاقة ثقافة السلم وغايات تعزيزه منها ؟
 المحور الثاني : ما هي مسوغات المواجهة العسكرية ودواعي القتال عند النبي r ؟ وهل هذا يتنافى مع طبيعة رسالته الرحيمة ؟ وهل فيها أي إشارة إلى نزوع النبي r إلى العنف وثقافة العنف من خلالها ؟
المحور الثالث : ما هي الأخلاقيات المهيمنة على حروب النبي r سواء أخلاقيات الشروع في الحرب ، أو أخلاقيات الانتصار ، وهل يبرز من خلالها ثقافة العنف أم ثقافة السلام ؟ وهل هي حروب من أجل الحرب والهيمنة والاستغلال أم هي حروب من أجل السلام ؟  
المحور الرابع :  ما هي المواقف والشبهات التي استغلها المغرضون للطعن برسول الله r ؟ وهل تسلم لهم أم تدل على غير ما يرومون ؟
المحور الخامس : ما هي مساحة ثقافة السلام في حروب النبي r ؟ وهل يمكن صنع السلام من خلال الحروب بنفس الطريقة التي عهدت من رسول الله r ؟
المحور السادس : ماذا يقول المنصفون عن حروب النبي r ؟
المحور السابع : هل خرجت حروب النبي r عن قيم ثقافة السلام كالعدل والإحسان والمسامحة والحوار ؟
هذه أبرز المحاور التي يمكن من خلال مناقشتها ملاحقة الشبهات التي يثيرها المغرضون من جهة ، ومن جهة أخرى تتضح لنا مساحة ثقافة السلام في جزء حيوي حساس من حياة النبي محمد r ، وسأحاول في طرحي خلال المباحث والفصول القادمة تناول هذه المحاور ضمن تسلسل منطقي فيه إفاضة ومزيد بيان في ثوب فكري جديد لم يطرح – في ظني - من قبل ، ويستبيحني القارئ عذراً بسب الإفاضة والتوسعة والإطناب في طرح أفكاري ؛ فذلك لحساسية الموضوع الذي يقتضي الإفاضة الكفيلة بإذن الله بمعالجته من جميع محاوره ، وملاحقته من جل جوانبه ، خاصة أن استيعاب هذه الموضوع الجوهري من حياة النبي r استيعاباً شمولياً له أثره المباشر في الفكر الإسلامي والفهم الرسالي بما ينعكس إيجاباً على التصور والسلوك  . 

ليست هناك تعليقات: