السبت، 9 يونيو 2012

علاج أمراض الأمم آخر العلاج الكي



  آخر العلاج الكي .
ذكرت في مقالة سابقة  أن التدخل الجراحي يعتبر مظهراً من مظاهر الرحمة عند تعذر أي وسيلة للعلاج ، ولا يلجأ إليه إلا عند الضرورة ، فهو علاج بغيض إلا أن الضرورة تقتضيه رحمة بالمريض وخوفاً من عواقب المرض المتضاعفة ،  وقد أشار النبي r  إلى أن أحد أسباب الشفاء الثلاثة الكي ؛ وبالرغم من ذلك كره النبي استخدامه لما يترتب عليه من آلام وتشوهات لكن الضرورة تلجئ إلى استخدام هذا العلاج البغيض النافع ، وذلك لحسم مرض عجزت أمامه الوسائل الأخرى ، فأصبحت ضرورة حسم المرض أعظم من مفسدة استخدام الكي ، لكنه آخر وسيلة يلجأ إليها ، وذلك عند استنفاد كل الوسائل الأخرى .
والملاحظ من منهج نبي الرحمة أنه كان يستخدم الدعوة السلمية ويحض عليها ويمنع غيرها ؛ لكن عندما ضُيق عليه وأصحابه ، ولوحقوا في كل مكان حتى أنهم عندما فروا للحبشة بدينهم لاحقتهم قريش عبر البحار ، وعندما هاجروا للمدينة لاحقتهم وقامت بمحاولات اختطاف من قلب المدينة لبعض المهاجرين كما حصل من أبي جهل والحارث بن هشام مع عياش بن ربيعة ، فهذه الملاحقة والصد عن الرسالة اقتضى التدخل العسكري من باب الدفاع ؛ لذا جاء الإذن باستخدام العلاج الأخير بعد تعذر كل وسائل العلاج الأخرى يقول الله سبحانه وتعالى :  «   أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ   »  ([1]) فالآية فيها إشارة إلى أن القتال كان محظوراً لكن استفحال الظلم في الجزيرة العربية ، وشدة الملاحقة لأهل الرسالة بحيث لم تبق لهم وسيلة سوى الدفاع عن رسالتهم ودفع الظلم عنهم ، فتعين استخدام القتال كوسيلة من وسائل الدعوة التي تؤمن حرية انتشارها ، وأصبح استخدام القتال من باب البغيض النافع ، يقول الله سبحانه وتعالى :  « كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ   »  ([2])
د. محمد المبيض                          كتابه               أخلاقيات الحرب 


([1])الحج : الآية 39
([2])البقرة : الآية 216    

ليست هناك تعليقات: