الاثنين، 11 يونيو 2012

كيف تعامل النبي عليه السلام مع مسائل القيم والأخلاق


رسالة محمد r تتعامل بحساسية شديدة مع الأخلاق لعظمها وعلو منزلتها وخطورة تغييبها.
وهذا واضح في عظمة العقوبة على الفساد الخلقي وإن قل في نظر البعض ، من ذلك قول النبي r : « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » ([1])  فالحديث صريح أن ذرة من الكبر كفيلة بحرمان صاحبها من الجنة ، وهذا يبرز مدى حساسية الرسالة مع أي تدهور خلقي ، من ذلك قوله r :  «  دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ  . » ([2])  فالبغضاء لوحدها كفيلة بحرمان الإنسان من دينه وتدينه أو بركة تدينه ، وهكذا نجد هذه الحساسية مع كثير من الأخلاقيات لدرجة أن  تمثل خلق سيئ  واحد كفيل بحرمان صاحبه من خير عظيم .
ولم تقتصر هذه الحساسية مع الرذائل والأخلاق الفاسدة ، بل الأخلاق الفاضلة يثيب الله على القليل منها ما لا يثيب على غيره ، من ذلك قول النبي r : « بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِه » ([3]) « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَه » ([4]) فهذان موقفان بسيطان كانا موجبا للجنة لصاحبيهما ، وذلك لما تضمنه موقفيهما من معاني أخلاقية سامية ، بل رحمة المرأة البغي بحيوان كانت سبباً في تجاوز الله I عن معصيتها العظيمة ورحمتها .
وهذه الشواهد على مستوى العقوبة والإثابة تبرز بوضوح عظيم منزلة الأخلاق في رسالة محمد r ؛ بحيث تجازي على القليل منها ، ما لا تجازيه في غيرها .


([1]) أخرجه الترمذي برقم 1999 وقال : حسن صحيح ( 4/361)
([2]) أخرجه الترمذي برقم 2510 ( 4/644) ؛ قال الهيثمي : رواه البزار ، وإسناده جيد [ مجمع الزوائد ( 8/64) ]
([3])  أخرجه البخاري برقم 3467 ( 4/173)
([4])  أخرجه البخاري برقم 652 ( 1/132) 

ليست هناك تعليقات: