السبت، 9 يونيو 2012

نبي الرحمة والأمة


النبي r يرشد أمته إلى مدى سعة رحمة الله .  
من أوسع أبواب الرحمة بالبشرية هو أن ترشدهم إلى سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ، فتطمئن لها النفوس الشاردة ويدب فيها أمل النجاة مما يعزز توبتها وأوبها لربها  .
وهذا الجانب طرقه النبي r من أوسع أبوابه حتى لم يبق للشيطان مدخلاً في تقنيط بشر من رحمة الله سبحانه وتعالى ، ومن هدي  النبي r  في هذا الباب : «  إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ ، لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ النَّارِ » ([1])
 « كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ : هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ  ؟ قَالَ :  لَا فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ،  فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ » ([2])
« سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ.  قَالُوا : وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ » ([3])
«   إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ :  أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا  ، أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ  ؟ فَيَقُولُ : لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ : أَفَلَكَ عُذْرٌ ؟ فَيَقُولُ :  لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ : بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  . فَيَقُولُ : احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ :  يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ ؟ فَقَالَ :  إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ ، فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ   . » ([4]
«  إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا » ([5])
« لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ :  آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالَ جِبْرِيلُ :  يَا مُحَمَّدُ فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ . » ([6])
 «   يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :  أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ،  وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ،  فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً . » ([7])
«   إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي . » ([8])
فهذه النصوص لا تدع مجالاً لعاصي للقنوط من رحمة الله سبحانه وتعالى ، بل تسوق العصاة مهما عظمت معاصيهم إلى باب التوبة سوقاً وتوردهم واسع رحمة الله ورداً ، وهذا هو المقصد الأعظم لنبي الرحمة .


([1]) أخرجه البخاري برقم 6104 [ البخاري ( 5/2374) ]
([2]) أخرجه البخاري برقم 3283 [ البخاري ( 3/1280) ]
([3]) أخرجه مسلم برقم 2818 [ صحيح مسلم ( 4/2171) ]  
([4]) أخرجه الترمذي برقم 2693، وقال : حديث حسن غريب [ السنن ( 5/24) ]
([5]) أخرجه مسلم برقم 2759 [ صحيح مسلم ( 4/2113) ]  
([6]) أخرجه الترمذي برقم 3107 ، وقال : حديث حسن [ السنن ( 5/287) ]
([7]) أخرجه البخاري برقم 6790 [ البخاري ( 6/2694 ) ]  
([8]) أخرجه البخاري برقم 6986 [ البخاري ( 6/2700) ] 

ليست هناك تعليقات: