النبي
r يرشد أمته
إلى مدى سعة رحمة الله .
من أوسع أبواب الرحمة بالبشرية هو أن ترشدهم
إلى سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ، فتطمئن لها النفوس الشاردة ويدب فيها أمل
النجاة مما يعزز توبتها وأوبها لربها .
وهذا الجانب طرقه النبي r من أوسع
أبوابه حتى لم يبق للشيطان مدخلاً في تقنيط بشر من رحمة الله سبحانه وتعالى ، ومن
هدي النبي r في هذا الباب : « إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ
خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ،
وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ، فَلَوْ يَعْلَمُ
الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ ، لَمْ يَيْئَسْ مِنْ
الْجَنَّةِ ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ
الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ النَّارِ » ([1])
« كَانَ
فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ
خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ : هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ قَالَ : لَا فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ
رَجُلٌ : ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ
بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ
الْعَذَابِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى
هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ
قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ
» ([2])
« سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا
فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ. قَالُوا : وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ : وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ
» ([3])
« إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ
أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ
يَقُولُ : أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا ، أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ ؟ فَيَقُولُ : لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ : أَفَلَكَ
عُذْرٌ ؟ فَيَقُولُ : لَا يَا رَبِّ
فَيَقُولُ : بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ
الْيَوْمَ ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . فَيَقُولُ : احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ
السِّجِلَّاتِ ؟ فَقَالَ : إِنَّكَ لَا
تُظْلَمُ قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ ،
فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ
اللَّهِ شَيْءٌ . » ([4])
« إِنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ
وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا » ([5])
« لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ
: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالَ جِبْرِيلُ : يَا مُحَمَّدُ فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ
مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ
الرَّحْمَةُ . » ([6])
« يَقُولُ
اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ
عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا
ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي
نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي
مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ
ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ
أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً . » ([7])
« إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ
عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي . » ([8])
فهذه النصوص لا تدع مجالاً لعاصي للقنوط من
رحمة الله سبحانه وتعالى ، بل تسوق العصاة مهما عظمت معاصيهم إلى باب التوبة سوقاً
وتوردهم واسع رحمة الله ورداً ، وهذا هو المقصد الأعظم لنبي الرحمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق