السبت، 9 يونيو 2012

المراة نصف الرجل في بعض الحقوق لماذا ؟


لم فرقت رسالة محمد r بين الرجل والمرأة ببعض الحقوق كالميراث مثلاً ؛ حيث لها نصف ما للرجل ؟ وكذلك في الولاية العامة أو رئاسة الدولة ، فهذه حرمت منها المرأة واستأثر بها الرجل ، فأين المساواة بينهما ما داما مشترِكين في الإنسانية ؟
 وللإجابة على هذه الشبهة نقرر مسلمة هنا ، وهي أن المساواة بين المختلفين ليس من العدل بل  هو عين الظلم . وهذه الفروق البسيطة بين الرجل والمرأة في بعض الحقوق والواجبات ، إنما هو اختلاف وظيفي اقتضاه الاختلاف الفطري والخلقي بين كل منهما ، ولا ينكر أحد أن هناك اختلافات فسيولوجية وفطرية بين خلقة الرجل والمرأة ، وهما أشبه بالشمس والقمر كما في رؤية يوسف عليه السلام (_ ) ، ولكل وظيفته ، وما يريده دعاة حقوق الإنسان هو إلغاء القمر ووظيفته ، و مساواته بالشمس ووظيفتها ، وهذا عين الاضطراب ، وضرب من الخلل قادهم إليه تجاربهم المحكومة بعقولهم القاصرة ، فهل وجود شمسان تشرقان على الأرض  خير بها ، وبالمقابل حرمان الأرض من القمر ووظيفته ؟ وهل مساواة المرأة بالرجل من كل الوجوه هو خير للبشرية ؟ أو خير للمرأة نفسها التي يراد لها أن تنزع من ثوبها الفطري الذي جبلت عليه لتلبس ثوباً غريباً عليها ، وهل مغايرة المرأة للرجل في بعض الحقوق أو الواجبات التي اقتضتها طبيعة كلٍ الفسيولوجية والاجتماعية معناه الإنقاص من حقها في المساواة الإنسانية بالرجل ؟
أما القول عن سبب إعطاء المرأة نصف الرجل في الميراث ، فهذا اقتضاه طبيعة الوظيفة الاجتماعية لكل ، فالرجل هو الموكل بالإنفاق على المرأة ، وبالمقابل المرأة استأثرت بحقوق مادية كثيرة تنزعها من الرجل : كالمهر والإنفاق عليها وولدها وغير ذلك ؛ لذا راعت الشريعة طبيعة المسئولية الملقاة على الرجل والمرأة وعاملتهما وفقاً لها ، فالاختلاف في الميراث هو اختلاف وظيفي مبني وفق حجم المسئولية الملقاة على كل ، وهذا عين المساواة بين الواجبات أو المسئوليات والحقوق الممنوحة  ، ولئن اقتضى الاختلاف الوظيفي أن يكون للمرأة نصف الرجل في الميراث ، فقد اقتضى في موضع آخر أن تنال ثلاثة أضعاف الرجل ، وذلك عندما أوصى النبي r الرجل بأمه ثلاث مرات وبأبيه مرة ، فهل يقول الرجل أن ذلك من باب الظلم له أمام المرأة أم طبيعة الاختلاف الوظيفي اقتضى ذلك التمايز  .
أما باقي الأمور الأخرى كالولاية العامة أو منصب الرئاسة التي اختص بها الرجل ، فهذا اقتضته طبيعة الرجل وعظم المسئولية ، ولا يختلف اثنان أن التركيب الفسيولوجي والعصبي والجسماني للرجل يؤهله لهذا المنصب الخطير أكثر من المرأة ، كذلك للمرأة ظروفها الخاصة كالحيض والنفاس اللذين يحرمانها من القيام بهذه الوظيفة بأكمل وجه ؛ لذا أسندت لمن هو أكفأ منها بحكم الخلقة ، وليعلم أن عدم إسناد هذه الوظيفة لها هو من باب الرحمة بها أكثر منه إنقاص لحقها  .
إذا نخلص مما سبق أن الاختلاف في الميراث ، أو اختصاص الرجل ببعض المهام دون المرأة ليس دلالة على عدم مساواتها بالرجل ، بل هو اختلاف وظيفي اقتضته طبيعة الاختلاف الفطري والفسيولوجي بين كل منهما ، والقول بالمساواة بين المختلفين تعني ظلم أحدهما حتماً ، يقول الكسس كاريل الحائز على جائزة نوبل في أبحاثه المتعلقة بالقلب الميكانيكي : « إن الاختلاف بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص للأعضاء التناسلية ، ومن وجود الرحم والحمل ، أو طريقة التعليم ، إذ إنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك ، إنها تنشأ من تكوين الأنسجة ذاتها ، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيميائية يفرزها المبيض ، ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليماً واحداً وان يمنحا قوى واحدة ومسئوليات متشابهة ، والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافاً كبيراً عن الرجل ، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها ، والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها ، وفوق كل شيء بالنسبة لجهازها العصبي ، فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للين مثل قوانين العالم الكوكبي ، فليس بالإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها ، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي ، فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعاً لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور ، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال ، فيجب عليهن أن لا يتخلين عن وظائفهن المحددة . » ([1])
د. محمد المبيض                                        كتابه نبي الرحمة 


(_ )  رأى يوسف عليه السلام في منامه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ، رآهم له ساجدين ، وكان القمر كناية عن أمه أما الشمس فكناية عن أبيه .   
([1])  كاريل : الإنسان ذلك المجهول ( 108 وما بعدها ) 

ليست هناك تعليقات: