لم
فرقت رسالة محمد r بين الرجل والمرأة
ببعض الحقوق كالميراث مثلاً ؛ حيث لها نصف ما للرجل ؟ وكذلك في الولاية العامة أو
رئاسة الدولة ، فهذه حرمت منها المرأة واستأثر بها الرجل ، فأين المساواة بينهما
ما داما مشترِكين في الإنسانية ؟
وللإجابة على هذه الشبهة نقرر مسلمة هنا ، وهي
أن المساواة بين المختلفين ليس من العدل بل
هو عين الظلم . وهذه الفروق البسيطة بين الرجل والمرأة في بعض الحقوق
والواجبات ، إنما هو اختلاف وظيفي اقتضاه الاختلاف الفطري والخلقي بين كل منهما ،
ولا ينكر أحد أن هناك اختلافات فسيولوجية وفطرية بين خلقة الرجل والمرأة ، وهما
أشبه بالشمس والقمر كما في رؤية يوسف عليه السلام (_ ) ، ولكل
وظيفته ، وما يريده دعاة حقوق الإنسان هو إلغاء القمر ووظيفته ، و مساواته بالشمس
ووظيفتها ، وهذا عين الاضطراب ، وضرب من الخلل قادهم إليه تجاربهم المحكومة
بعقولهم القاصرة ، فهل وجود شمسان تشرقان على الأرض خير بها ، وبالمقابل حرمان الأرض من القمر
ووظيفته ؟ وهل مساواة المرأة بالرجل من كل الوجوه هو خير للبشرية ؟ أو خير للمرأة
نفسها التي يراد لها أن تنزع من ثوبها الفطري الذي جبلت عليه لتلبس ثوباً غريباً
عليها ، وهل مغايرة المرأة للرجل في بعض الحقوق أو الواجبات التي اقتضتها طبيعة
كلٍ الفسيولوجية والاجتماعية معناه الإنقاص من حقها في المساواة الإنسانية بالرجل
؟
أما القول عن سبب إعطاء المرأة نصف الرجل في
الميراث ، فهذا اقتضاه طبيعة الوظيفة الاجتماعية لكل ، فالرجل هو الموكل بالإنفاق
على المرأة ، وبالمقابل المرأة استأثرت بحقوق مادية كثيرة تنزعها من الرجل :
كالمهر والإنفاق عليها وولدها وغير ذلك ؛ لذا راعت الشريعة طبيعة المسئولية
الملقاة على الرجل والمرأة وعاملتهما وفقاً لها ، فالاختلاف في الميراث هو اختلاف
وظيفي مبني وفق حجم المسئولية الملقاة على كل ، وهذا عين المساواة بين الواجبات أو
المسئوليات والحقوق الممنوحة ، ولئن اقتضى
الاختلاف الوظيفي أن يكون للمرأة نصف الرجل في الميراث ، فقد اقتضى في موضع آخر أن
تنال ثلاثة أضعاف الرجل ، وذلك عندما أوصى النبي r الرجل
بأمه ثلاث مرات وبأبيه مرة ، فهل يقول الرجل أن ذلك من باب الظلم له أمام المرأة
أم طبيعة الاختلاف الوظيفي اقتضى ذلك التمايز .
أما باقي الأمور الأخرى كالولاية العامة أو
منصب الرئاسة التي اختص بها الرجل ، فهذا اقتضته طبيعة الرجل وعظم المسئولية ، ولا
يختلف اثنان أن التركيب الفسيولوجي والعصبي والجسماني للرجل يؤهله لهذا المنصب
الخطير أكثر من المرأة ، كذلك للمرأة ظروفها الخاصة كالحيض والنفاس اللذين
يحرمانها من القيام بهذه الوظيفة بأكمل وجه ؛ لذا أسندت لمن هو أكفأ منها بحكم
الخلقة ، وليعلم أن عدم إسناد هذه الوظيفة لها هو من باب الرحمة بها أكثر منه
إنقاص لحقها .
إذا نخلص مما سبق أن الاختلاف في الميراث ، أو
اختصاص الرجل ببعض المهام دون المرأة ليس دلالة على عدم مساواتها بالرجل ، بل هو
اختلاف وظيفي اقتضته طبيعة الاختلاف الفطري والفسيولوجي بين كل منهما ، والقول
بالمساواة بين المختلفين تعني ظلم أحدهما حتماً ، يقول الكسس كاريل الحائز على
جائزة نوبل في أبحاثه المتعلقة بالقلب الميكانيكي : « إن الاختلاف بين الرجل
والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص للأعضاء التناسلية ، ومن وجود الرحم والحمل ، أو
طريقة التعليم ، إذ إنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك ، إنها تنشأ من تكوين
الأنسجة ذاتها ، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيميائية يفرزها المبيض ، ولقد أدى
الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن
يتلقى الجنسان تعليماً واحداً وان يمنحا قوى واحدة ومسئوليات متشابهة ، والحقيقة
أن المرأة تختلف اختلافاً كبيراً عن الرجل ، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع
جنسها ، والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها ، وفوق كل شيء بالنسبة لجهازها العصبي
، فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للين مثل قوانين العالم الكوكبي ، فليس
بالإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها ، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي ،
فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعاً لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور ، فإن
دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال ، فيجب عليهن أن لا يتخلين عن وظائفهن
المحددة . » ([1])د. محمد المبيض كتابه نبي الرحمة
(_ ) رأى يوسف عليه السلام
في منامه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ، رآهم له ساجدين ، وكان القمر كناية عن
أمه أما الشمس فكناية عن أبيه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق