السبت، 9 يونيو 2012

التدخل الجراحي عند الضرورة هو مظهر من مظاهر الرحمة .


  
 لا يختلف عاقل في أن التدخل الجراحي بالرغم من آلامه وآثاره والدماء التي تسيل عند إجرائه يعتبر مظهراً من مظاهر الرحمة عندما لا توجد وسيلة غيره لإنهاء الألم وملاحقة الورم ، ولو امتنع الطبيب من استخدامه رعاية للآلام التي يمكن أن يعانيها المريض عند إجراء العملية ، وترك المريض يستفحل فيه الورم أو يستشري فيه المرض ، عندها لا يستحق الطبيب وصف الرحمة ، بالرغم من أنه لم يؤلم المريض بالتدخل الجراحي . 
هذه الموازنة العامة التي تبرز ضرورات التدخل الجراحي ، وتتفق البشرية كاملة على أن عدم اعتبارها منافي للرحمة ، بل تلك الممرضات اللواتي يستخدمن المباضع والمشارط ويجرحن المرضى لاستئصال ورم ونحوه استحققن وصف ملائكة الرحمة في نظر البشرية بالرغم من تلك الدماء التي تسيل تحت مشارطهن ، وبالرغم من صرخات المرضى بين أيديهن ، بل لا ينظر لتلك الصرخات والدماء مقابل حسن العاقبة وحصول العافية ، وكل عاقل ينظر للطبيب أو الممرضة بعين الامتنان على الواجب الذي يقومان به .
هذا بخصوص علاج الأبدان ، و ما ذكرت مسلمة تتفق على صحتها البشرية بعمومها ، إضافة إلى اتفاقها على أن التدخل الجراحي يتعين عندما لا توجد أي وسيلة أخرى للشفاء ، وتركه يعتبر منافياً للرحمة .
  أما بخصوص أمراض البشر الروحية ( العناد والكفر والكبر ومراغمة الحق والصد عن سبيل الله وما يترتب على ذلك من مظالم وفوضى  ..إلخ ) فيتصور الإشكالية نفسها بل أشد منها ، ويتعين التدخل الجراحي إذا استنفدت كل الوسائل الأخرى ، والأصل أن ينظر للتدخل الجراحي أو المواجهة العسكرية حال استفحال أمراض الأمم وتعذر الوسائل الأخرى على أنه مظهر من مظاهر الرحمة لا منافياً لها ، والأصل أن ينظر للطبيب بعين الامتنان لذلك التدخل الجراحي خاصة بعد حسن العاقبة وحصول العافية في الأمم ، ولولا الجهاد والمواجهة العسكرية التي قام بها النبي r   لما نعم خالد بن الوليد وأبو سفيان وعكرمة بن جهل بنعمة الإسلام ، بل لما خرج الإسلام من المدينة المنورة إلى ربوع العالم أجمع ، ولما استنارت البشرية بنور الهداية ولبقيت بعللها وأمراضها التي كان سينتج عنها أضرار على مستوى الدنيا أعظم بكثير مما نتج حصيلة حروب المسلمين مع غيرهم .
وبالمقابل لو لم تكن تلك الغزوات لا نحسر الإسلام في المدينة وبقيت الجزيرة على غيها وكفرها وحرمت البشرية نور الرسالة ومظاهر رحمتها ، ولأفضت عوامل الكيد الداخلي والخارجي بنواة الدولة الإسلامية على حسمها وإنهائها في سنواتها الأولى ، ويبقى التساؤل الهام هنا وهو أي رحمة عالمية في ترك وسيلة ساعدت في حرية نشر رسالة الإسلام عند تعذر الوسائل الأخرى ؟

ليست هناك تعليقات: