السبت، 9 يونيو 2012

اغتنام الفرص في تربية الأطفال


حرصه على تعليم الطفل .
ولعل أهم قصة تدل على ذلك قصة ابن عباس رضي الله عنهما قال : «  كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ  r    يَوْمًا فَقَالَ :  يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ  » ([1])  فابن عباس كان خلف النبي r   على دابته ، وكان صبياً صغيراً فأراد النبي r   أن يغتنم تلك الفرصة ليعلمه درساً في العقيدة ، ووقع هذا الدرس موقعه ، وما زالت البشرية تتناقله على عظمته من ابن عباس رضي الله عنهما ، فالنبي r   احترم شخصية ابن عباس ولم يستصغره ، بل وجده أهلاً لتعلم درساً من أعظم دروس العقيدة . 
هذه بعض الجوانب التربوية المأثورة عن النبي r   في حق الطفل ، ويمكن  استنتاج بعض  الأصول التربوية من خلال هدي النبي r   منها :
1-     الوالدان هما المدرس الأول لأبنائهم ، وأطفالهم صفحة بيضاء يكتبان فيها ما شاءا ، فليجتهدا على الكتابة الإيجابية في تلك الصفحة التي تعتبر هبة من الله . (_ )
2-     الخبرات المبكرة لها الأثر الكبير على تحديد مستقبل الطفل ؛ لذا وجب الاهتمام بالتغذية الإيجابية في المراحل الأولى من حياته .
3-   العِقابُ يمكن أن يُؤدّي إلى مشاعر الكُره والانتقام ، وكثير من المشاعر السلبية ؛ كلما زاد العقاب قل تأثيره على الطفل ، وربما زاد من تمرده في المستقبل ، وقد حرص النبي r   على عدم استخدام هذا الأسلوب بل اعتمد كثيراً على التعزيز الإيجابي في حق الطفل ، وإن تعذرت الوسائل فيستخدم العقاب بحدود ضيقة وبضوابط .
4-     جاهدْ نفسك لتُسمِع أبناءك أحسن وأجمل وأطيب الكلمات ، واحتسب الأجر في ذلك ، وهذا نتعلمه من ضحك النبي وملاطفته لأنس بالرغم من مخالفة أنس t   .
5-     إن أبناءك هُم أحقُّ الناس بالرفق واللين والرحمة والمحبة والوفاء والصدق والعدل والإحسان ، وهذا رأيناه صريحاً في النبي r   وتعامله مع ولده إبراهيم والحسن والحسين ، وتعزيزه لكل ما يدل على المعاني السابقة في المربين  ، بل يستنكر عدم وجودها كما حصل مع النبي r   والأقرع بن حابس .  
6-      المساواةُ والعدلْ في الأقوال والأفعال – بل في كل صغير وكبير – بين جميع الأبناء ، تلك من صفات الآباء الأوفياء . والعدل مطلوبٌ في المعاملة والعقوبة والنفقة والهبَة والملاعبة والقُبَل ، ولا يجوز تمييز أحد الأولاد بعطاء ، وهذا نراه واضحاً فيما ذكرت سابقاً .
7-     التربية الفاضلة هي التربية القائمة على غرس الفضائل وتعزيز الحارس الداخلي ( الضمير ) والتأكيد على العقيدة ومراقبة الله في كل أمر ، وهذا ملاحظ في كثير من هدي النبي r ، ويتضح جلياً فيما علمه لابن عباس رضي الله عنهما .
8-     الرحمة والتراحم عنصر أساس في التربية ، والمحبة هي شعلة التوافق بين المربي والأبناء ، وتعزيز الثقة في الطفل أساس في بناء شخصيته .


([1])  أخرجه الترمذي برقم 2516 ، وقال حسن صحيح [ السنن (4/667) ]
(_ )   عن أبي هُرَيْرَةَ  t  أن النَّبِيُّ  r  قَالَ : مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ [ أخرجه البخاري برقم 4274 ( 4/1655) ]    

ليست هناك تعليقات: